على مر السنين، أصبحت قطر تجسد الدولة الحديثة التي تعمل على التقريب بين الشعوب والأمم من أجل السلام والتنمية، إنه ليس مجرد إعلان عن حسن النية، ولكنه شيء يعتقده القطريون كمبدأ إرشادي للحياة وركيزة لسياستها الخارجية، وهذا هو السبب في أن الدوحة هي الخيار الأساسي لجلب أطراف النزاع للحوار مهما كان الأساس الذي يميّز هذه الأطراف عن بعضها البعض.
وأكثر من كونها وسيطًا عالميًا مفضلاً، تفتخر قطر بتبنيها طريق الإنجاز البشري لتوحيد الشعوب والبلدان، وهناك عدد قليل من البلدان في العالم تحتفل بالجهود البشرية في مجال الفنون والثقافة والسينما والأدب والرياضة مع مثل هذه الحماسة والاتساق مثل قطر، فهذا الاستثمار الهائل في رأس المال البشري وفّرت البيئة والمنصة اللازمة لتنمية فهم أكبر للتنوع الهائل الذي يمثل السمة المميزة للجنس البشري.
يجسد الحي الثقافية كتارا، على سبيل المثال، هذا المبدأ بحماسة باعتباره المركز الثقافي الأكبر والأبرز في البلاد – حيث تضم كتارا مجموعة من المسارح وقاعات الحفلات الموسيقية وصالات العرض وغيرها من المرافق الحديثة، فهي مُجهزة للعروض المحلية والإقليمية والدولية والورش والمعارض والمهرجانات، وهي قبل كل شيء تمزج وتحافظ على الثقافة والتراث الثري لدولة قطر.
تعتبرالمؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا، التي تصورها صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الأمير الوالد, أرضًا خصبة للتفاعل البشري من خلال الفن والثقافة، كما يقول بيان مهمتها، “في عالم رقمي دائم التطور، يتمثل هدفنا في توفير منصة للأشخاص في العالم للالتقاء ومشاركة ثروة ثقافاتهم النابضة بالحياة، واحتضان الاختلافات التي تجعل عالمنا فريدًا واكتشاف أوجه التشابه التي توحد الناس بغض النظر عن أصلهم “.
المعالم الثقافية في قطر لا تنحصر في كتارا، فمتاحف قطر، بقيادة سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، هي في طليعة الشراكة العالمية وتحتفي بالتنوع الثقافي برعاية المواهب “المحلية ” واستضافة الفن والفنانين الدوليين، فضلاً عن الحفاظ على القطع الأثرية ذات القيمة التاريخية الهائلة.
وتدير بانتظام منذ عام 2012 برنامج تبادل ثقافي يجلب البلدان إلى قطر ويأخذ قطر إلى العالم، وقد كرست “عام الثقافة” مع اليابان والمملكة المتحدة والبرازيل وتركيا والصين وألمانيا وروسيا والهند في هذه الرحلة حتى الآن.
تم زيادة مساحة البيئة الثقافية في وقت سابق من هذا العام مع افتتاح متحف قطر الوطني الرائع في الدوحة، الذي صممه المهندس المعماري الفرنسي جان نوفيل وامتد لمسافة 1.5 كيلومتر، واستضاف الهيكل المترامي الأطراف عالم الفن والترفيه بالإضافة إلى مشاهير الإنجاز في حفل مذهل.
تمثل القطع المعروضة في المتحف الوطني انعكاسًا مذهلاً – ومزيجًا – لماضي قطر وحاضرها، وتمّ تصميم كل موضوع في ثلاثة فصول – البدايات والحياة في قطر وتاريخ قطر الحديث، ويتمّ عرض كل موضوع في 11 معرضًا فرديًا، كما أنها تنصف التاريخ البحري لقطر بمراكبها الشراعية الخشبية المصنوعة يدويًا والتي اشتهرت بجمع اللؤلؤ والاتجار به في الماضي، ويمكن رؤية 1.5 مليون لؤلؤة خليجية مدهشة مصنوعة يدويًا على سجادة بارودا اللؤلؤية وحدها!
تقدم حصون قطر أيضًا لمحة مؤثرة عن الماضي، ومن بين هذه الحصون، قلعة الزبارة التي تعود إلى القرن الثامن عشر والتاسع عشر، حيث وصفت اليونسكو هذا التراث العالمي، “تحمل شهادة فريدة على التفاعل البشري مع كل من البحر والبيئة الصحراوية القاسية للمنطقة”.
من بين العديد من الهياكل الحديثة، تحتوي مكتبة قطر الوطنية المنشأة حديثًا على مجموعة رائعة من الكتب والبيانات، وقد صمم المكتبة المهندس المعماري الهولندي ريم كولهاس، المعلم الأكثر حداثة كنموذج لمكتبة القرن الحادي والعشرين مع مكتبة تراثية مدمجة تتتبع تقدم العالمين العربي والإسلامي.